[b][size=16][color:1c9c=Red]الهامش في مسألة الذكاء[/color]
[color:1c9c=Black]فهد عامر الأحمدي[/color]
[color:1c9c=Gray] آآآآسف لقول هذا ؛ ولكن الأبحاث بدأت تميل لتغليب
الدور الوراثي في ذكاء سيادتكم تاركة للبيئة والتعليم هامش مناورة ضئيلا
.. فآخر الدراسات تشير الى اننا نرث معظم ذكائنا من آبائنا أحببنا ذلك ام
كرهناه .. ولكن هذا لا يعني اننا نرث قالبا جاهزا أو متحجرا بل "حدا أعلى"
من الذكاء والقدرات لانستطيع تجاوزها مهما فعلنا ؛ فعلماء النفس في
كامبردج قاسوا ذكاء 300 من العباقرة المشهورين فلاحظوا ان أياً منهم لم
يبتعد اكثر من (20%) عن ذكاء أبويه . وهذا يعني أن التحصيل الاكاديمي
والخبرة العملية (وكل الجهود الشخصية) لم تفلح في زيادة نسبة ذكائهم عن
"خُمس" ما ولدوا به اصلا !!
وهذه النتيجة (القدرية) تم إثباتها أيضا في أمريكا من قبل عالمة متخصصة في
تعليم الاطفال تدعى ماري توندلر. فقد صنفت 320 روضة من رياض الاطفال في
ثلاثة مستويات (ممتازة ، وجيدة ، ورديئة). وفي البداية توقعت ان تعمل
الرياض الممتازة على رفع ذكاء الاطفال بسبب بيئتها الثرية . ولكنها اكتشفت
ان الطفل الذي لاتسمح امكاناته الوراثية بتجاوز قدر معين من الذكاء (لن
يتجاوزه) مهما كان مستوى البيئة ممتازا . وفي المقابل اكتشفت أطفالا
أذكياء بالفطرة في الرياض الرديئة لم تؤثر البيئة الفقيرة في مستوى ذكائهم
.. بل على العكس اكتشفت أن كثيرا منهم رفعوا نسبة ذكائهم بأنفسهم (من خلال
القراءة والملاحظة والسؤال) رغم وجودهم في رياض يرثى لها !!
وكان الفيلسوف نيتشه وعالم الاحياء جولتن مثالا لعلماء رجّحوا (منذ وقت
طويل) العامل الوراثي كأهم عامل في مسألة الذكاء وظهور العبقرية .
واستدلوا على ذلك بأن معظم العباقرة ظهروا في أسر راقية وموهوبة وتتضمن
عباقرة آخرين .. ولكن في المقابل هناك معسكر معارض يغلب دور البيئة على
الوراثة ويستخدم نفس الدليل لتأييد وجهة نظره (فتلك الأسر راقية بطبعها
وتوفر لأبنائها بيئة تعليمية ممتازة وفرصا استثنائية توصلهم لمستوى
العبقرية)!
*** *** ***
... ولعل أفضل طريقة للفصل في هذا الموضوع هي دراسة حالات التوائم
المتطابقة . فهذا النوع من التوائم يتشابهون في كل شيء (حتى في نسبة
الذكاء الموروث الذي يولدون به) . وتعتمد فكرة الدراسة على المقارنة بين
توائم تفرقوا منذ الولادة وعاش كل منهم في بيئة مختلفة . ففي إحدى الحالات
مثلا تبنت عائلة ثرية مولودا يدعى "سام" في حين تبنت شقيقه "جاك" أرملة
بسيطة انتقلت به إلى كاليفورنيا .. العائلة الأولى وفرت لسام بيئة تعليمية
ممتازة، وأدخلته أفضل جامعات نيويورك، وقدمته الى طبقة اجتماعية راقية.
أما شقيقة جاك فدرس في المدارس العامة ثم عاش في دار للأيتام ثم التحق
بسلك الاطفاء !
وحالة كهذه تتضمن فرقا كبيرا (من حيث المستوى البيئي) ولكن تساويا أصيلا
من حيث (الأساس الوراثي) ولو كان للبيئة دور غالب في الذكاء لتفوق الأول
على الثاني .. غير ان نتائج الذكاء لديهما كانت متقاربة الى حد مدهش رغم
الاعتراف بأن الأول كان أكثر ثقافة ورقيا !
.. أعود للتذكير بأننا لانرث من آبائنا ذكاء جامدا بقدر مانرث سقفا من
القدرات الذهنية لا نستطيع تجاوزه .. ولو كان باستطاعة البيئة الممتازة
اختراق الحاجز الوراثي لرأينا جامعات اليوم "تفرخ" ملايين العباقرة؛ ولكن
الحقيقة هي أن نسبة العباقرة مقارنة بعدد السكان لم تتغير منذ عهد الاغريق
وحتى يومنا هذا !!
... وبيني وبينك (20%) هامش كبير لا يدرك البعض بوجوده أصلا !![/color][/size][/b]